الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه
اسمه ونسبه:
هو أبو عبد الله مالك بن أنس رضي الله عنه من أبرز الفقهاء في الإسلام ومؤسس أحد المذاهب الفقهية الأربعة، ينتهي نسبه إلى قبيلة "ذو أصبح" اليمنية. أما أمه فهي العالية بنت شريك الأزدية، فهو من أبوين عربيين يمنيين.
ولادته ونشأته:
ولد الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه سنة (93هـ) بالمدينة المنورة، فرأى آثار الصحابة والتابعين، كما رأى آثار النبي صلى الله عليه وسلم والمشاهد العظيمة، فكان لذلك أثر في فكره وفقهه وحياته. ونشأ في بيت اشتغل بعلم الحديث والآثار الواردة عن الصحابة والتابعين، فجدُّهُ مالك بن أبي عامر من كبار التابعين، وقد روى عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله وعائشة أم المؤمنين، وروى عنه بنوه أنس والد الإمام مالك ، وربيع ، ونافع.
طلبه للعلم:
حفظ الإمام مالك في صدر حياته القرآن الكريم، ثم اتجه إلى حفظ الحديث، وقد أعانه على ذلك وجوده في المدينة المنورة، وعندما ذكر لأمه أنه يريد أن يذهب فيكتب العلم، ألبسته أحسن الثياب، وعمَّمَته، ثم قالت: " اذهب فاكتب الآن "، وكانت تقول: " اذهب إلى ربيعة فتعلم أدبه قبل علمه ".
كان للإمام مالك عدد من الأساتذة والشيوخ ومنهم جده مالك بن أبي عامر ووالده أنس بن مالك، وابن شهاب الزهري، وعبد الرحمن بن القاسم وأبي الزناد، وكان شديد التعظيم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى سئل مالك: أسمعت عن عمرو بن دينار. فقال: رأيته يحدّث والناس قيام يكتبون، فكرهت أن أكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قائم "، وكما لم يدّخر جهداً في حفظ الحديث ومجالسة العلماء، لم يدخر مالاً في سبيل ذلك، حتى قال ابن القاسم: " أفضى بمالك طلبُ العلم إلى أن نقض سقف بيته، فباع خشبه، ثم مالت عليه الدنيا من بعد "
أصول مذهب الإمام مالك وانتشاره
انشغل الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه بجمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، وقد ساعده في ذلك إقامته في المدينة المنورة فكان قريباً من بيت النبوة وأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وتابعيهم بإحسان.
بنى مالك رضي الله عنه مذهبه على جملة من الأصول وهي: كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والإجماع والقياس وعمل أهل المدينة، والمصالح المرسلة والعرف والاستصحاب وسد الذرائع.
وقد انتشر مذهبه في أنحاء العالم الإسلامي وبخاصة في شمال أفريقيا [ مصر والسودان والمغرب والجزائر وموريتانيا والأندلس] وكذلك له أتباع في الجزيرة العربية [السعودية والإمارات والكويت] وما زال كثير من الناس يتبعون المذهب المالكي في تلك المناطق إلى اليوم.
مصنفاته:
أما مصنفات الإمام مالك فمن أهمها وأشهرها الموطأ وقد صنفه الإمام مالك رضي الله عنه بطلب من الخليفة أبي جعفر المنصور حيث زار المدينة في موسم الحج والتقى بالإمام مالك فقال له: يا أبا عبد الله ضع الفقه ودوّن منه كتباً وتجنب شدائد عبد الله بن عمر ورخص عبد الله بن عباس وشوارد عبد الله بن مسعود، واقصد في أواسط الأمور ، وما اجتمع إليه الأئمة والصحابة، لتحمل الناس إن شاء الله على علمك وكتبك، ونبثها في الأمصار ونعهد إليهم أن لا يخالفوها" وقد طلب المنصور من الإمام مالك أن يجمع الناس على كتابه فلم يجبه إلى ذلك، وهذا من تمام علمه وإنصافه، وقال: "إن الناس قد جمعوا واطلعوا على أشياء لم نطلع عليها"
تلاميذه:
كان للإمام مالك عدد من التلاميذ الذين نشروا مذهبه من بعده ومن أهمهم:
1. عبد الرحمن بن القاسم: وهو من أشهر تلاميذه حيث صحبه عشرين سنة ويعد صاحب كتاب (المدونة)
2. عبد الله بن وهب: وقد اهتم به الإمام مالك اهتماماً خاصاً وكان يحبه ويلقبه بالفقيه.
3. ومنهم أشهب بن عبد العزيز القيسي، وأسد بن فرات وعبد الله بن عبد الحكم وغيرهم.
ومن أعظم تلاميذ الإمام مالك رحمه الله الإمامُ الشافعي فقد روى عن مالك موطأه وتفقه على يديه ثم أسس مذهبه الفقهي "المذهب الشافعي".
وفاة الإمام مالك رضي الله عنه:
توفي الإمام مالك رحمه الله وعمره 92 سنة، قضاها في العلم والتعليم، ودفن في مقبرة البقيع في المدينة المنورة.
للاطلاع أكثر يمكن الرجوع إلى :
- سير أعلام النبلاء للذهبي
- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان
- سلسلة الأئمة المصورة، طارق سويدان.
- المجددون في الإسلام أمين الخولي
- علوم الحديث لابن كثير.
- تاريخ ابن خلدون.