يعد الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت من أعظم فقهاء الإسلام ورائداً في علم الفقه وهو مؤسس أحد المذاهب الفقهية الأربعة، ويحظى المذهب الذي أسسه (المذهب الحنفي) بأكثر الأتباع بين المسلمين اليوم حيث ينتشر في العراق، والشام، وتركيا، وباكستان، وأفغانستان وغيرها من بلاد الإسلام، وكان هو المذهب المتبع في الإمبراطورية العثمانية.
اسمه ونسبه:
هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى (زوتا)التيمي الكوفي، فقيه الملة وعالم العراق، ويقال إن زوتا كان مولى لبني تيم بن ثعلبة حيث مسّه الرق ثم أعتق ولذلك يقال له التيمي، ولد له ثابت وهو على الإسلام. ويعود أصل زوتا إلى كابل عاصمة أفغانستان اليوم.
ولادته ونشأته:
ولد أبو حنيفة رضي الله عنه في الكوفة سنة ثمانين للهجرة على رواية الأكثرين 699ميلادية، ونشأ وتربى بها وعاش أكثر حياته فيها متعلماً ومعلماً.
أدرك أبو حنيفة رضي الله عنه أربعة من الصحابة لكنه لم يلق أحداً منهم ولم يأخذ عنهم وهم : أنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفى في الكوفة، وسهل بن سعد الساعدي في المدينة المنورة، وأبو الطفيل عامر بن واثلة في مكة،
طلبه للعلم:
أخذ أبو حنيفة رضي الله عنه الفقه عن حماد بن أبي سليمان، وسمع عطاء بن أبي رباح، وأبا إسحاق السبيعي، ومحارب بن دثار والهيثم بن حبيب الصواف، ومحمد بن المنكدر، ونافعاً مولى عبد الله بن عمر، رضي الله عنهم، وهشام بن عروة وسماك بن حرب.
حفظ القرآن على قراءة عاصم بن أبي النجود، ودرس الحديث، والنحو والأدب والشعر، كما درس علم الكلام وأصول الدين، وجادل الفرق المختلفة في مسائل الاعتقاد وما يتصل به، ثم عدل إلى الفقه واستمر عليه واستغرق كل مجهوده الفكري، وقد ذكر في اختياره للفقه قوله: "كلما قلبته وأدرته لم يزدد إلا جلالة ... ورأيت أنه لا يستقيم أداء الفرائض وإقامة الدين والتعبد إلا بمعرفته، وطلب الدنيا والآخرة إلا به".
وكان يتتبع التابعين أينما وحيثما كانوا، وخصوصاً من اتصل منهم بصحابة امتازوا في الفقه والاجتهاد، وقد قال في ذلك: "تلقيت فقه عمر وفقه عبد الله بن مسعود وفقه ابن عباس عن أصحابهم".
منهجه ومصنفاته:
كان منهج الإمام أبي حنيفة أنه يعرض المسائل الفقهية على العلماء من تلاميذه في حلقة الدرس، ليدلي كل بدلوه، ويذكر ما يرى لرأيه من حجة، ثم يعقِب هو على آرائهم بما يدفعها بالنقل أو الرأي، ويصوِب صواب أهل الصواب، ويؤيده بما عنده من أدلةٍ، ولربما انقضت أيام قبل تقرير مسألة ما.
ولم يصنف أبو حنيفة رضي الله عنه في الفقه، ولكنه دأب على مناقشة أفكاره مع تلامذته الذين دونوها فيما بعد. وأصبحت مصدراً رئيساً للفقه الحنفي، ويعتقد الكثيرون أن أبا حنيفة رضي الله عنه هو الذي صنف كتاب الفقه الأكبر في العقيدة الإسلامية.
وقد طوّر شيوخ هذا المذهب منهجية يمكن استخلاص المبادئ الأساسية الإسلامي والأوامر الإلهية منها، فضلا عن تحديد الأهمية النسبية لها وتكونت هذه المنهجية من القياس والاستحسان وقد أثار الاستحسان جدلاً بين الفقهاء، حيث أتاح قدراً كبيراً من المرونة والتطور في الفقه.
تلاميذه:
اجتمع عنده عدد كبيرة من المحدثين والفقهاء والزهاد والعباد ومنهم: حفص بن غياث، وزفر والحسن بن زياد، والفضيل بن عياض وداود الطائي، وروى عنه عبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح والقاضي أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني.
وفاته :
بعد أن قضة أبو حنيفة رضي الله عنه حياته في العلم والتعليم وشهد له القاصي والداني بفقهه واجتهاده ورئاسته توفي رحمه الله تعالى في رجب سنة 150هجرية 767 ميلادية، ويقال إنه توفي في السجن حيث قدم إلى بغداد تلبية لدعوة الخليفة العباسي المنصور، وعندما رفض منصب قاضي القضاة سجن حتى مات. ودفن في الحي المعروف بحي الأعظمية اليوم في بغداد، وبعد وفاته بقرون بني على قبره قبة، كما بني مسجد باسمه مسجد الإمام الأعظم وهو أحد ألقابه رضي الله عنه.
المراجع:
- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان لابن خلكان.
- سير أعلام النبلاء للذهبي.