آداب الشيخ المجيز – الجزء الأول
د. يحيى الغوثاني
الشيخ المجيز، الذي يقوم بإجازة طلابه في قراءة القرآن الكريم، يتحمل مسؤولية عظيمة. فهو ليس مجرد ناقل للعلم، بل قدوة في الأخلاق والسلوك، ومثال حي على القيم الإسلامية التي يجب أن تتجسد في حياة المعلم والطالب على حد سواء. ومن أجل تحقيق هذه الرسالة السامية، يجب أن يتحلى الشيخ بمجموعة من الآداب التي تساعده على تعليم طلابه بشكل نافع وفعّال.
1. الإخلاص في العمل
الشيخ المجيز يجب أن يبدأ كل جلسة قراءة بنية صافية، طالبًا رضا الله تعالى. القراءة التي تتم لأجل الدنيا أو الشهرة تفقد قيمتها، بينما الإخلاص يجعل كل جهد في تعليم القرآن الكريم مباركًا ومثمرًا، ويعكس صدق الشيخ المجيز في نيته وحبه لنشر العلم النافع.
2. الابتعاد عن التفاخر
على الشيخ ألا يتفاخر بعدد طلابه أو كثرة قراءاته، فالتفاخر يقلل من قيمة العلم ويبعد عن الهدف الحقيقي، وهو تعليم القرآن لوجه الله وحده. عندما يتواضع المعلم، يزداد احترام الطلاب له، ويصبح نموذجًا يُحتذى به.
3. حب مصلحة الطلاب
يحرص الشيخ على نفع طلابه وتعليمهم على من ينتفع بهم من أهل العلم والإتقان. الاهتمام بمستوى كل طالب دون محاباة أو تمييز يضمن استفادة الجميع ويظهر حرص الشيخ على تقدمهم ونموهم العلمي والروحي.
4. التمتع بأرقى الأخلاق
يجب أن يتحلى الشيخ بالتواضع وحسن الخلق بما يليق بحامل القرآن. الأخلاق الحميدة تجعله قدوة حقيقية لطلابه، وتخلق جوًا من الاحترام والتقدير داخل مجلس القراءة، مما يعزز قيمة التعلم والمعرفة.
5. الاهتمام بالنظافة والطهارة
يعتني الشيخ بنظافة جسمه وملابسه، ويستخدم السواك ويهتم بالتطيب. المظهر الطيب يعكس احترامه للعلم ولطلابه، ويزيد من تقبل الطلاب له والتعلم على يديه، كما أنه يعكس جمال الدين وسمو قيمه.
6. اللطف والرفق بالطلاب
يستقبل الشيخ طلابه بابتسامة، ويعاملهم بلين ورفق، بعيدًا عن الغلظة أو الانفعال. الرقة والاحترام تمنح الطلاب شعورًا بالراحة والثقة، وتساعد على خلق بيئة تعليمية محفزة على التعلم والاستيعاب.
7. تربية الطلاب
دور الشيخ يتعدى تعليم القراءة ليشمل الإرشاد وتوجيه السلوك. متابعة سلوك الطلاب ونصحهم يضمن نموهم الشخصي والديني، ويغرس القيم الإسلامية الصحيحة في حياتهم، مما يجعل التعليم رسالة أخلاقية وروحية بالإضافة إلى كونه علميًا.
الخاتمة:
آداب الشيخ المجيز ليست مجرد قواعد شكلية، بل هي انعكاس لنقاء القلب وصفاء النية والتزام المعلم برسالة القرآن. بالإخلاص، وحسن الخلق، واللطف مع الطلاب، يصبح المعلم قدوة حقيقية لهم، ويحقق الهدف الأسمى من التعليم، وهو غرس العلم والمعرفة والقيم الإسلامية الصحيحة في نفوس الطلاب. الالتزام بهذه الآداب يضمن مجلس قراءة مثمرًا وبيئة تعليمية إيجابية تعود بالنفع على الجميع.